الردود على الخوارج: من صفات الخوارج

الحلقة :1

 

إن الحمد لله؛ نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، منْ يهده الله؛ فلا مضل له، ومن يضلل؛ فلا هادي له.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

أما بعد؛ فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أما بعد

فهذة نبذة مختصرة عن صفات وأوصاف الخوارج، وما جاء من ذلك من صحيح الأحاديث والآثار، وما ذاك إلا لتحذير الأمة منهم نصحا لله ولدينه وبيان خطر هذه الفرقة المارقة على المسلمين والدين أجمعين.

 

قال الإمام محمد بن الحسين الآجريّ-رحمه الله- في كتابه الشريعة باب: “ذم الخوارج وسوء مذهبهم وإباحة قتالهم، وثواب من قتلهم أو قتلوه“: ( لم يختلف العلماء قديماً وحديثاً أنَّ الخوارج قوم سوء ، عصاة لله عز وجل ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وإن صلوا وصاموا ، واجتهدوا في العبادة ، فليس ذلك بنافع لهم ، وإن أظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وليس ذلك بنافع لهم ، لأنهم قوم يتأولون القرآن على ما يهوون ، ويموهون على المسلمين . وقد حذرنا الله عز وجل منهم ، وحذرنا النبي صلى الله عليه وسلم ،وحذرناهم الخلفاء الراشدون بعده ،وحذرناهم الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان رحمة الله تعالى عليهم .

والخوارج هم الشراة الأنجاس الأرجاس ،ومن كان على مذهبهم من سائر الخوارج يتوارثون هذا المذهب قديماً وحديثاً ،ويخرجون على الأئمة والأمراء ويستحلون قتل المسلمين .[1]

 

من صفاتهم:

 

ما أخرجه البخاري ومسلم في صحيحه عن علي رضي الله عنه وفي الحديث عدة صفات تكشفهم وتبرزهم لكل ذي بصيرة، قال: إذا حدثتكم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا، فوالله لأن أخر من السماء، أحب إلي من أن أكذب عليه، وإذا حدثتكم فيما بيني وبينكم، فإن الحرب خدعة، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((سيخرج قوم في آخر الزمان، أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين، كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم يوم القيامة))[2]

وفي رواية: ((حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام)).[3]

 

  • الصفة الأولى: حداثة السن

وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (( أحداث الأسنان ))

قال النووي: معناه صغار الأسنان صغار العقول.[4]

قال الحافظ في الفتح: والأسنان جمع سن والمراد به العمر والمراد أنهم شباب.[5]

قال بدر الدّين العيني: قوله: (حُدَثَاء الأسنان) أي: الصغار، وقد يعبر عن السن بالعمر، والحدثاء جمع: حديث السن، وكذا يقال: غلمان حدثان بالضم.[6]

 

  • الصفة الثانية: سفاهة الأحلام

  • وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((سفهاء الأحلام))

قال القسطلاني: أي ضعاف العقول.[7]

قال الحافظ: جمع حلم بكسر أوله، والمراد به: العقل، والمعنى: أن عقولهم رديئة.[8]

 

 

  • الصفة الثالثة: قولهم من قول خير البرية

  • وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((يقولون من خير قول البرية))

قال القسطلاني: وهو القرآن، …، وكان أول كلمة خرجوا بها قولهم لا حكم إلا لله وانتزعوها من القرآن لكنهم حملوها على غير عملها.[9]

وقال في موطن آخر: والمراد القول الحسن في الظاهر والباطن على خلاف ذلك.[10]

وقال النووي: معناه في ظاهر الأمر كقولهم لا حكم إلا لله ونظائره من دعائهم إلى كتاب الله تعالى والله أعلم.[11]

 

 

  • الصفة الرابعة: لايجاوز الإيمان حناجرهم

  • وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا يجاوز إيمانهم حناجرهم))

قال القسطلاني: أي أن الإيمان لم يرسخ في قلوبهم لأن ما وقف عند الحلقوم فلم يتجاوزه لم يصل إلى القلب.[12]

 وفي موطن آخر قال: أي لا يرفع في الأعمال الصالحة فليس لهم فيه حظ إلا مروره على لسانهم فلا يصل إلى حلوقهم فضلا عن أن يصل قلوبهم حتى يتدبروه بها.[13]

قال ابن حجر: والمعنى أن قراءتهم لا يرفعها الله ولا يقبلها، وقيل لا يعملون بالقرآن فلا يثابون على قراءته، فلا يحصل لهم إلا سرده.

وقال النووي: المراد أنهم ليس لهم فيه حظ إلا مروره على لسانهم لا يصل إلى حلوقهم فضلا عن أن يصل إلى قلوبهم، لأن المطلوب تعقله وتدبره بوقوعه في القلب، قلت -أي ابن حجر – وهو مثل قوله فيهم أيضا: لا يجاوز إيمانهم حناجرهم أي ينطقون بالشهادتين ولا يعرفونها بقلوبهم.[14]

 

 

  • الصفة الخامسة: المروق من الدّين

  • وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((يمرقون من الدين))

وفي رواية: يمرقون من الإسلام،[15]

قال ابن بطّال: فالمروق عند أهل اللغة الخروج يقال: مرق من الدين مروقا خرج ببدعة أو ضلالة، ومرق السهم من الغرض إذا أصابه ثم نقره، ومنه قيل للمرق مرق لخروجه.[16]

وقال ابن حجر: أي يخرجون منه كما ينفصل السهم من الرمية إذا أنفذها.[17]

ومعنى الدّين هنا الإسلام،[18] ومنهم من فسر الحديث بخروجهم عن طاعة الإمام، وهذا تأويل وصرف لمعنى الحديث وفي الرواية الأخرى تفسير وبيان لحقيقة المروق، وقال ابن حجر: في رواية سعيد بن مسروق: (( من الإسلام )) وفيه رد على من أول الدين هنا بالطاعة، وقال: إن المراد أنهم يخرجون من طاعة الإمام كما يخرج السهم من الرمية، وهذه صفة الخوارج الذين كانوا لا يطيعون الخلفاء، والذي يظهر أن المراد بالدين:  ” الإسلام ” كما فسرته الرواية الأخرى وخرج الكلام مخرج الزجر وأنهم بفعلهم ذلك يخرجون من الإسلام الكامل.[19]

وفي هذه الأحاديث دليل لمن يكفر الخوارج.[20]

قال العلامة المباركفوري – رحمه الله -: إن كان المراد به الإسلام فهو حجة لمن يكفر الخوارج ويحتمل أن يكون المراد بالدين الطاعة فلا يكون فيه حجة.[21]

 

يتبع في الحلقة: 2

 


 

[1] كتاب الشريعة 1/325
[2] صحيح البخاري (9/ 16) – صحيح مسلم (2/ 746)
[3] صحيح البخاري (6/ 197)
[4] شرح النووي على مسلم (7/ 169)
[5] فتح الباري لابن حجر (12/ 287)
[6] عمدة القاري شرح صحيح البخاري (16/ 144)
[7]  إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (6/ 60) – شرح السيوطي على مسلم (3/ 168)
[8] فتح الباري لابن حجر (12/ 287)
[9] إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (6/ 60)
[10] إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (10/ 85) – فتح الباري لابن حجر (12/ 287)
[11] شرح النووي على مسلم (7/ 169)
[12] إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (7/ 486)
[13] إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (6/ 423)
[14] فتح الباري لابن حجر (12/ 293)
[15] صحيح البخاري (6/ 197) – صحيح مسلم (2/ 741)
[16] شرح صحيح البخارى لابن بطال (8/ 585)
[17] فتح الباري لابن حجر (1/ 187)
[18] إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري (6/ 423) – شرح النووي على مسلم (7/ 160)
[19] فتح الباري لابن حجر (8/ 69) – فتح الباري لابن حجر (12/ 288)
[20] شرح النووي على مسلم (7/ 160)
[21] تحفة الأحوذي (6/ 354)

 

منقول من موقع الدعوة السلفية بالمملكة المغربية

شاهد أيضاً

La Comunitat Islàmica de la Garrotxa rebutja els atemptats de Barcelona i Cambrils

La Comunitat Islàmica de la Garrotxa ens sentim profundament consternats pels atemptats que han tingut …

Correció d’un dels articles publicats a la web El Garrotxí sobre el Ramdà

Aquesta és una correcció d’alguns errors trobats en el següent article, el qual fou publicat …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *