الشيخ عبد الرزاق البدر: الْعَمَلُ الصَّالِح

العمل الصالح هو المتجر الرابح والمغنم الراجح ، قال الله تبارك وتعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ (29) لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ}[فاطر:29-30] .
وهو مجلبةٌ للسعادة مطردةٌ للشقاء ، قال الله تعالى : { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[النحل:97] .
وهو خير مرتجى وأفضل مدَّخر ، قال الله تبارك وتعالى : { مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ }[الروم:44] ؛ أي يهيِّئون ويعدُّون ويقدِّمون .
وهو الموجب للفوز بالجنان ونيل رضا الرحمن ، قال الله تبارك وتعالى : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7)جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ}[البينة:7-8] .
وهو مع القلب هو محل نظر الرب ونيل ثوابه ، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((إِنَّ اللهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ)) .
وهو خير الرفقاء وأفضل الأصحاب ، ففي الصحيحين عن أنس ابن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((يَتْبَعُ المَيِّتَ ثَلاَثَةٌ ، فَيَرْجِعُ اثْنَانِ وَيَبْقَى وَاحِدٌ ؛ يَتْبَعُهُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ وَعَمَلُهُ، فَيَرْجِعُ أَهْلُهُ وَمَالُهُ ، وَيَبْقَى عَمَلُهُ)) . قيل لبعض الحكماء من أبرُّ الأصحاب ؟ فقال : العمل الصالح.
ولنتأمل في هذا الرفيق البار في يوم الوحشة يوم يقدِم على صاحبه عندما يكون في قبره ؛ ففي المسند عن البراء بن عازب في حديثه الطويل عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر حال الميت عندما يُدرج في قبره فذكر عليه الصلاة والسلام العبد المؤمن فقال : (( وَيَأْتِيهِ رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ حَسَنُ الثِّيَابِ طَيِّبُ الرِّيحِ فَيَقُولُ : أَبْشِرْ بِالَّذِي يَسُرُّكَ ؛ هَذَا يَوْمُكَ الَّذِي كُنْتَ تُوعَدُ ، فَيَقُولُ لَهُ مَنْ أَنْتَ ؟ فَوَجْهُكَ الْوَجْهُ يَجِيءُ بِالْخَيْرِ ؛ فَيَقُولُ أَنَا عَمَلُكَ الصَّالِحُ)) . ألا ما أهنأه يومئذٍ بعمله ، وأقرَّ عينه برفيقه وصاحبه ، يوم يخسر المبطلون ويندم المفرطون.
هذا وإن العمل لا يكون صالحًا إلا إذا كان لله خالصًا ، وللسنة موافقا ، كما قال الله تبارك وتعالى : {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}[الكهف:110] ، وقال الله جل وعلا : {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا}[الملك:2] قال الفضيل ابن عياض رحمه الله تعالى : «أخلصه وأصوبه» ، قيل يا أبا علي وما أخلصه وأصوبه ؟ قال : «إن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يُقبل ، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصا لم يُقبل ؛ حتى يكون خالصًا صوابا ، والخالص : ما كان لله ، والصواب : ما كان على السنة» .
اللهم اجعل أعمالنا كلها لك خالصة ، ولسنة نبيك صلى الله عليه وسلم موافقة ، ولا تجعل لأحدٍ فيها شيئا .

 

منقول من موقع الشيخ عبد الرزاق البدر

شاهد أيضاً

رمضان قادم وداعش ليست من الإسلام

خطبة يوم ٢٥ شعبان ١٤٣٦  للشيخ محمد بن رمزان الهاجري حفظه الله في جامع السلام …

تحريم شد الرحل إلى القبور وبيان أن ذلك هو مذهب السلف

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((وأما السفر إلى زيارة قبور الأنبياء الصالحين فلا يجب بالنذر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *